لأنّ الله تعالى إذا أوحى إلى رسوله الإعلام بأخبارهم وأحوالهم وما في ضمائرهم من الشر والفساد، لم يستقم مع ذلك تصديقهم في معاذيرهم.
(وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ) أتنيبون أم تثبتون على كفركم، (ثُمَّ تُرَدُّونَ) إليه وهو عالم كل غيب وشهادة، وسر وعلانية،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فقيل: لِمَ لا نعتذر؟ قيل: لأنا لن نؤمن لكم، أي: لا نصدقكم في عذركم، فقيل: لِمَ لم تؤمنا لنا؟ قيل: لأن الله قد نبأنا مما في ضمائركم من الشر.
قوله: (الإعلام بأخبارهم وأحوالهم) ظاهره أن (مِنْ أَخْبَارِكُمْ) مفعول ثان لقوله: (نَبَّأَنَا اللَّهُ)، قال أبو البقاء: "هذا الفعل قد يتعدى إلى ثلاثة، أولها ضمير الجمع، والآخران محذوفان، تقديره: أخباراً من أخباركم مبينة، و (مِنْ أَخْبَارِكُمْ) تنبيه على المحذوف، وليس (مِنْ) زائدة؛ إذ لو كانت زائدة لكانت مفعولاً ثانياً والثالث محذوف، وهو خطأ، لأن المفعول الثاني إذا ذُكر في هذا الباب لزم ذكر الثالث".
قوله: (أتنيبون أم تثبتون): إشارة إلى أن قوله: (وَسَيَرَى اللَّهُ) بمعنى العلم، وقد أخذ أحد مفعوليه، ويقتضي الثاني، فيكون بمعنى قوله: (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) [هود: 7، والملك: 2]، وقد ذكر في سورة المُلك: أنه ليس بتعليق، والتقدير: سيرى الله عملكم أتنيبون عنه- أي: ترجعون - أم تثبتون عليه. والمعنى: سيعلم الله عملكم من الإنابة عن الكفر أو الثبات عليه علماً يتعلق به الجزاء.