يروى: أن أهل النفاق يبكون في النار عمر الدنيا، لا يرقأ لهم دمع ولا يكتحلون بنوم.

(فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَاذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ) 83].

وإنما قال: (إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ)؛ لأنّ منهم من تاب عن النفاق وندم على التخلف، أو اعتذر بعذر صحيح، وقيل: لم يكن المتخلفون كلهم منافقين، فأراد بالطائفة: المنافقين منهم (فَاسْتَاذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ) يعنى إلى غزوة بعد غزوة تبوك، (وأَوَّلَ مَرَّو) هي الخرجة إلى غزوة تبوك، وكان إسقاطهم عن ديوان الغزاة عقوبة لهم على تخلفهم الذي علم الله أنه لم يدعهم إليه إلا النفاق، بخلاف غيرهم من المتخلفين (مَعَ الْخالِفِينَ) قد مرّ تفسيره، قرأ مالك بن دينار: "مع الخلفين"؛ على قصر الخالفين.

فإن قلت: (مَرَّو) نكرة وضعت موضع "المرات" للتفصيل،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (لا يرقأ لهم دمع)، النهاية: "رقأ الدمع يرقأ [رقوءا] بالضم: إذا سكن وانقطعن والاسم الرقوء بالفتح".

قوله: (موضع المرات للتفصيل): صح بالصاد المهملة، يعني: أن "أفعل" التفضيل: إذا أُريد به بيان زيادته في المعنى، يقتضي أن يكون المفضل داخلاً فيما أضيف إليه، فالأصل الجمع، فوُضع المفرد موضعه، لإرادة التفصيل، أي: فضل المذكور على الجنس المذكور إذا فصل الجنس واحداً بعد واحد، فعلى هذا (أَوَّلَ) بعضُ ما أضيف إليه، وهي (مَرَّةٍ)، فحقه التأنيث، فلِمَ ذُكِّر؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015