(قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا) استجهال لهم، لأن من تصوّن من مشقة ساعة، فوقع بسبب ذلك التصوّن في مشقة الأبد، كان أجهل من كل جاهل، ولبعضهم:
مَسَرَّةُ أحْقَابٍ تَلَقَّيْتُ بَعْدَهَا ... مَسَاءَةَ يَوْمٍ أرْيُهَا شِبْهُ الصَّابِ
فَكَيْفَ بِأَنْ تَلْقَى مَسرَّةَ سَاعَةٍ ... وَرَاءَ تَقَضِّيهَا مَسَاءَةُ أحْقَابِ
[(فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) 82].
معناه: فسيضحكون قليلا، ويبكون كثيرا (جَزاءً)، إلا أنه أخرج على لفظ الأمر، للدلالة على أنه حتم واجب لا يكون غيره،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (استجهال لهم): يعني نظروا إلى هذا الحر النزر، غفلوا عن تلك النار التي لا تقاس حرارتها بشيء من النيران، بله حر القيظ، ومن تصون من مشقة ساعة، فوقع به في مشقة الأبد: كان أجهل من كل جاهل.
ويمكن أن يقال: إن قوله: (لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ) تتميم للتجهيل، أي: قل لهم هذا وجهلهم به، وليتهم يفقهون ما تعنيه بقولك. قال القاضي: " (لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ) أنها كيف هي، ما اختاروها بإيثار الدعة على الطاعة".
قوله: (مسرة أحقاب) البيتين: "الأحقاب": الأزمان الكثيرة، و"الأري": العسل، و"الصاب": نبتٌ مُر، وقيل: هو الحنظل، "مساءة أحقاب": مُبتدأ، والخبرُ "وراء تقضيها"، والجملة ثاني مفعولي "تلقى".
قوله: (حتمٌ واجب): لأن الأمر لا يحتمل الصدق والكذب، كما يحتمله الخبر، ولذلك قال: "لا يكون غيره"، أو أن أمر الله للأشياء حتمٌ لوجودها وقطعٌ في كونها لقوله تعالى: (أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [يس: 82]، و (فَقَالَ لَهُمْ اللَّهُ مُوتُوا) [البقرة: 243].