وسمعت بعض أولى الهمة البعيدة، والنفس المرّة من مشايخنا، يقول: لا تطمح عيني، ولا تنازع نفسي إلى شيء مما وعد الله في دار الكرامة، كما تطمح وتنازع إلى رضاه عنى، وأن أحشر في زمرة المهديين المرضيين عنده.
(ذلِكَ) إشارة إلى ما وعد الله، أو إلى الرضوان، أي (هو الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) وحده دون ما يعدّه الناس فوزاً.
وروى: "أن الله عز وجلّ يقول لأهل الجنة: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى، وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك، فيقول: أنا أعطيكم أفضل من ذلك، قالوا: وأي شيء أفضل من ذلك؟ قال: أُحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم أبدا".
[(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَاواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) 73].
(جهِدِ الْكُفَّارَ) بالسيف، (وَالْمُنافِقِينَ) بالحجة، (وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) في الجهادين جميعاً، ولا تحابهم، وكل من وقف منه على فساد في العقيدة: فهذا الحكم ثابت فيه،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ.
قوله: (بعض أولي الهمة البعيدة): قيل: عني به عبد السيد الخطيبي أخا صاعد.
قوله: (والنفس المرة)، الجوهري: "المرة: القوة وشدة العقل أيضا".
قوله: (هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى)، الحديث: مخرج في "الصحيحين" عن أبي سعيد.
"أُحل عليكم رضواني"، أي: أوجب. الجوهري: "حل العذاب يحل - بالكسر -: وجب، ويحل - بالضم-: نزل، وقرئ بهما قوله تعالى: (فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي) [طه: 81] ".
قوله: (وكل من وقف منه على فساد في العقيدة: فهذا الحكم ثابت فيه): اعتبر في قوله: