وفيما يجب سماعه وقبوله، وليس بأذن في غير ذلك، ودلّ عليه قراءة حمزة: (وَرَحْمَةٌ) بالجرّ عطفاً عليه، أي: هو أذن خير ورحمة لا يسمع غيرهما ولا يقبله.
ثم فسر كونه أذن خير؛ بأنه يصدق بالله، لما قام عنده من الأدلة ويقبل من المؤمنين الخلص من المهاجرين والأنصار، وهو رحمة لمن آمن منكم - أي: أظهر الإيمان - أيها المنافقون؛ حيث يسمع منكم، ويقبل إيمانكم الظاهر، ولا يكشف أسراركم، ولا يفضحكم، ولا يفعل بكم ما يفعل بالمشركين،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الراغب: "الأذن: الجارحة، ويُستعار لمن كثر استماعه وقبوله ما يسمع، قال الله تعالى: (وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ)، أي: استماعه لما يعود بخيركم. وأذن: استمع، نحو قوله: (وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ) [الانشقاق: 2]، ويُستعمل ذلك في العلم المتوصل إليه بالسماع، نحو قوله: (فَاذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) [البقرة: 279]، والإذن والأذان لما يُسمع، ويعبر بذلك عن العلم، إذ هو مبدأ كثير من العلم، والإذن في الشيء: إعلام بإجازته والرخصة فيه".
قوله: (ودل عليه قراءة حمزة: "ورحمة" بالجر): لأنه حينئذ معطوف على (خَيْرٍ)، ولا يحسن أن تكون (رحمة) صفة (أُذُنٌ) على نحو: رجل صدق وحاتم الجود، حُسنه إذا قيل: أذن في الخير وأذن في الرحمة، لا يسمع غيرهما ولا يقبله.