[(وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا ما آتاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ راغِبُونَ) 59].

جواب "لو" محذوف، تقديره: لو أنهم رضوا لكان خيراً لهم، والمعنى: ولو أنهم رضوا ما أصابهم به الرسول من الغنيمة، وطابت به نفوسهم وإن قلّ نصيبهم وقالوا: كفانا فضل الله وصنعه، وحسبنا ما قسم لنا سيرزقنا الله غنيمة أخرى، فيؤتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر مما آتانا اليوم، (إِنَّا إِلَى اللَّهِ) في أن يغنمنا ويخولنا فضله لراغبون.

[(إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) 60].

(إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ) قصر لجنس الصدقات على الأصناف المعدودة، وأنها مختصة بها، لا تتجاوزها إلى غيرها، كأنه قيل: إنما هي لهم لا لغيرهم. ونحوه قولك: إنما الخلافة لقريش، تريد: لا تتعداهم ولا تكون لغيرهم، فيحتمل أن تصرف إلى الأصناف كلها، وأن تصرف إلى بعضها، وعليه مذهب أبى حنيفة رحمه الله.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (فيحتمل أن تُصرف إلى الأصناف - ويُروى: إلى الأوصاف- كلها، وأن تُصرف إلى بعضها): الفاء سببية، أي: يلزم من معنى التركيب هذان الاحتمالان، وذلك أن (إِنَّمَا) وُضعت لقصر ما يليها في الجزء الأخير من الكلام، وهاهنا المذكور أولاً جنس الصدقات، لأن الجمع المحلى يفيد العموم، وأجزاء الأصناف الثمانية تدل على أن جميع الصدقات لا تتجاوز المذكورين إلى غيرهم البتة.

وأما وجوب صرف بعضها إلى الأصناف كلها فليس فيها ذلك، ولذلك احتمل الأمرين، وينصره ما قال الإمام: "الآية لا دلالة فيها على قول الشافعي رضي الله عنه في أنه لابد من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015