لأنّ رؤساء أهل النفاق كانوا يحملون على الإنفاق؛ لما يرون من المصلحة فيه، أو مكرهين من جهتهم. وروى: أنها نزلت في الجدّ بن قيس حين تخلف عن غزوة تبوك، وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا مالي أعينك به فاتركني.
(إِنَّكُمْ) تعليل لردّ إنفاقهم، والمراد "بالفسق": التمرّد والعتو.
[(وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَاتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسالى وَلا يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كارِهُونَ) 54].
(أَنَّهُمْ) فاعل "منع"، وهم، و (أن تقبل): مفعولاه. وقرئ: (أن تقبل) ......
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من الله، ومعنى (كَرْهاً) مُلزمين، وإنما سُمي الإلزام كُرهاً لأنهم ليسوا كالمؤمنين في أن ينفقوا عن طوع ورغبة ونشاط قلب، بل هم كالمكرهين فيه. وعلى الثاني: معنى (طَوْعاً أَوْ كَرْهاً) على حقيقتهما، ولهذا قال: "أو طائعين من غير إكراه"، وقال: "أو مُكرهين من جهتهم".
قوله: ((أنَّهُمْ) فاعل "منع"، و"هم" و (أَنْ تُقْبَلَ): مفعولاه)، الأساس: "منعه الشيء ومنعه [منه] وعنه"، والزجاج أخذ بالثاني حيث قال: "موضع (أن) الأولى نصب، والثانية رفع، أي: ما منعهم من قبول نفقاتهم إلا كفرهم، والنفقات في معنى الإنفاق".
وقال أبو البقاء: " (أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ) في موضع نصب بدلاً من المفعول في (مَنَعَهُمْ)، ويجوز أن يكون فاعل "منع": الله، و (أَنَّهُمْ كَفَرُوا) مفعول له"، وفيه بحث.
ومعنى قول الزجاج والمصنف واحد، وهو أنهم قصدوا في الإنفاق أن يكون مقبولاً، وما منعهم شيء من الأشياء عما قصدوه إلا الكفر.
قوله: (قرئ: (أَنْ تُقْبَلَ): بالياء: حمزة والكسائي، والباقون: بالتاء الفوقانية.