وهي أنّ كثيرا كأنه يقول لعزة: امتحنى لطف محلك عندي وقوّة محبتي لك، وعاملينى بالإساءة والإحسان، وانظري: هل تتفاوت حالي معك، مسيئة كنت أو محسنة؟ وفي معناه قول القائل:

أخُوكَ الَّذِي إنْ قُمْتَ بِالسَّيْفِ عَامِدا ... لِتَضْرِبَهُ لَمْ يَسْتَفِثَّكَ فِي الْوَدِّ

وكذلك المعنى: أنفقوا وانظروا: هل يتقبل منكم؟ واستغفر لهم أو لا تستغفر لهم وانظر: هل ترى اختلافا بين حال الاستغفار وتركه؟

فإن قلت: ما الغرض في نفى التقبل؟ أهو ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم تقبله منهم، وردّه عليهم ما يبذلون منه؟ أم هو كونه غير مقبول عند الله تعالى ذاهباً هباء لا ثواب له؟ قلت: يحتمل الأمرين جميعاً.

وقوله: (طَوْعاً أَوْ كَرْهاً): معناه طائعين من غير إلزام من الله ورسوله، أو ملزمين، وسمى الإلزام إكراها، لأنهم منافقون، فكان إلزامهم الإنفاق شاقا عليهم كالإكراه، أو: طائعين من غير إكراه من رؤسائكم، .......

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وهي أن كثيراً كأنه يقول): وخلاصته: أن النكتة هي توخي إظهار نفي أن تتفاوت الحال في أمر ثابت يزاول المخاطب خلافه.

قوله: (أخوك الذي) البيت: يقول: أخوك هو الذي إن أسأت إليه أحسن إليك، حتى لو قمت تضربه بالسيف لا يغشك في المودة.

قوله: (يحتمل الأمرين جميعاً): قال القاضي: "نفيُ التقبل يحتمل أمرين: أن لا يؤخذ منهم، وأن لا يثابوا عليه"، يعني: يؤخذ منهم ولكن يصير هباء منثوراً.

قوله: (معناه: طائعين من غير إلزام): يريد أن قوله: (طَوْعاً أَوْ كَرْهاً) يحتمل أن يكونا من جهة الله أو من جهة الرؤساء؛ فعلى الأول: معنى (طَوْعاً) طائعين من غير إلزام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015