وقيل: الضمير للرسول، أي: ولا تضروه، لأنّ الله تعالي وعده أن يعصمه من الناس، وأن ينصره، ووعد الله كائن لا محالة، وقيل يريد بقوله (قَوْماً غَيْرَكُمْ) أهل اليمن، وقيل: أبناء فارس، والظاهر مستغن عن للتخصيص.

فإن قلت: كيف يكون قوله: (فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ) جواباً للشرط؟ قلت: فيه وجهان: أحدهما: إلا تنصروه فسينصره من نصره حين لم يكن معه إلا رجل واحد، ولا أقل من الواحد، فدلّ بقوله: (فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ) على أنه ينصره في المستقبل، كما نصره في ذلك الوقت. والثاني:

أنه أوجب له النصرة، وجعله منصوراً في ذلك الوقت، فلن يخذل من بعده.

وأسند الإخراج إلى الكفار، كما أسند إليهم في قوله: (مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ) [محمد: 13]، لأنهم حين هموا بإخراجه أذن الله له في الخروج، فكأنهم أخرجوه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وقيل: الضمير للرسول صلى الله عليه وسلم): أي: لا تضروا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال صاحب "الانتصاف": "يؤيد هذا الوجه قوله: 0 إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ) ". وقلت: المعنى: إلا تنفروا مع من يستنفركم بقوله: "انفروا في سبيل الله"، لاتضروه شيئاً، والله ناصره، والله على كل شيء قدير، ألا ترون كيف نصره الله تعالى حين لم يكن معه إلا رجل واحد؟ !

قوله: (فيه وجهان)، الانتصاف: "الفرق بين الوجهين عسر، وغايته: أنه في الأول وعده بنصرة مستقبلة أكد الله تحقيقه بوجود نُصرة من قبل، وفي الثاني إخبار باستمرار نصر ماض، والأمر فيهما مُتقارب".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015