(النَّسِيءُ): تأخير حرمة الشهر إلى شهر آخر، وذلك أنهم كانوا أصحاب حروب وغارات، فإذا جاء الشهر الحرام وهم محاربون، شق عليهم ترك المحاربة، فيحلونه ويحرمون مكانه شهراً آخر، حتى رفضوا تخصيص الأشهر الحرم بالتحريم، فكانوا يحرمون من شق شهور العام أربعة أشهر، وذلك قوله: (لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّهُ) أي: ليوافقوا العدّة التي هي الأربعة ولا يخالفوها، وقد خالفوا التخصيص الذي هو أحد الواجبين، وربما زادوا في عدد الشهور، فيجعلونها ثلاثة عشر أو أربعة عشر، ليتسع لهم الوقت. ولذلك قال عز وعلا: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً)، يعنى: من غير زيادة زادوها.

والضمير في: (يُحِلُّونَهُ) (وَيُحَرِّمُونَهُ) للنسيء، أي إذا أحلوا شهراً من الأشهر الحرم عامًا، رجعوا فحرموه في العام القابل. يُروى أنه حدث ذلك في كنانة؛ لأنهم كانوا فقراء محاويج إلى الغارة، وكان جنادة بن عوف الكناني مطاعاً في الجاهلية، وكان يقوم على جمل في الموسم، فيقول بأعلى صوته: إنّ آلهتكم قد أحلت لكم المحرم، فأحلوه، ثم يقوم في القابل، فيقول: إن آلهتكم قد حرمت عليكم المحرم، فحرموه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ.

قوله: (من شق شهور)، الأساس: "قعد في شق من الدار، أي: في ناحية منها، وخُذ من شق الثياب: من عرضها".

قوله: (أحد الواجبين): قيل: أحدهما: تخصيص الأشهر، والآخر: حرمة القتال: وقيل: أحدهما: العدد وهو أربعة أشهر، والآخر: تخصيصها بالأشهر المذكورة.

قوله (والضمير في (يُحِلُّونَهُ) (يُحَرِّمُونَهُ)، للنسيء): قال الواحدي: "أي: يحلون التأخير عاماً، وهو العام الذي يريدون أن يقاتلوا في المحرم، ويحرمون التأخير عاماً، وهو العام الذي يدعون المحرم على تحريمه".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015