وسموا رجبا: الأصم ومنصل الأسنة، حتى أحدثت النسيء فغيروا.

(فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ): في الحرم، (أَنْفُسَكُمْ) أي: لا تجعلوا حرامها حلالًا، وعن عطاء: بالله، ما يحل للناس أن يغزوا في الحرم، ولا في الأشهر الحرم، إلا أن يقاتلوا، وما نسخت. وعن عطاء الخراساني: أحلت القتال في الأشهر الحرم (بَرَاءَةٌ مِّنَ اللَّهِ ورَسُولِهِ) وقيل: معناه: لا تأثموا فيهن، بيانًا لعظم حرمتهن، كما عظم أشهر الحج بقوله: (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ) الآية [البقرة: 197]، وإن كان ذلك محرمًا في سائر الشهور. (كَافَّةً) حال من الفاعل أو المفعول، (مَعَ الْمُتَّقِينَ) ناصر لهم، حثهم على التقوى بضمان النصر لأهلها.

[(إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) 37]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (سموا رجباً: الأصم): قيل: لأنه لا يُسمع فيه صوت مستغيث، ولا حركة قتال، ولا قعقعة سلاح.

قوله: (ومنصل الأسنة)، الجوهري: "نصلت السهم: نزعت نصله، كقولهم: قردت البعير: إذا نزعت منه القُراد، وكذلك إذا ركبت عليه النصل، وهو من الأضداد، وأنصلت الرمح: إذا نزعت نصله، وكان يقال لرجل في الجاهلية: منصل الأسنة ومنصل الأل، لأنهم كانوا ينزعون الأسنة ولا يغزون، ولا يغير بعضهم على بعض". "الأل" بالتفح: جمة ألة، وهي الحرية.

قوله: (وقيل: معناه: لا تأثموا فيهن): معطوف على قوله: "لا تجعلوا حرامها حلالاً"، فالظلم على الأول بمعنى الكفر والشرك، وعلى الثاني بمعنى الإثم، سُمي الإثم ظلماً ليؤذن أن افثم في هذه الأشهر بمنزلة الظلم على النفس، وإليه الإشارة بقوله: "بياناً لعظم حرمتهن"، وعليه قوله تعالى: (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) [البقرة: 197].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015