وإن كان باطناً، وما بلغ أن يزكى فلم يزك فهو كنز، وإن كان ظاهراً"، وعن عمر رضي الله عنه: أنّ رجلاً سأله عن أرض له باعها، فقال: أحرز مالك الذي أخذت، احفر له تحت فراش امرأتك. قال: أليس بكنز؟ قال: ما أدّى زكاته فليس بكنز، وعن ابن عمر رضي الله عنهما: كل ما أدّيت زكاته فليس بكنز، وإن كان تحت سبع أرضين، وما لم يؤدّ زكاته فهو الذي ذكر الله، وإن كان على ظهر الأرض.
فإن قلت: فما تصنع بما روى سالم بن الجعد: أنها لما نزلت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تباً للذهب، تبا للفضة"، قالها ثلاثاً، فقالوا له: أيّ مال نتخذ؟ قال" "لساناً ذاكراً، وقلباً خاشعاً، وزوجة تُعين أحدكم على دينه"، وبقوله عليه الصلاة والسلام: "من ترك صفراء أو بيضاء كوى بها"، وتوفى رجل فوجد في مئزره دينار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كية"، وتوفى آخر فوجد في مئزره ديناران، فقال "كيتان"؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عمر: من كنزها فلم يؤد زكاتها ويلٌ له، هذا قبل أن تنزل الزكاة، فلما نزلت جعلها الله طهرة الأموال".
قوله: (احفر له تحت فراش امرأتك): كناية عن المبالغة في الحفظ واختيار حرز حريز.
قوله: (بما روى سالم بن [أبي] الجعد)، الحديث: من رواية أحمد بن حنبل والترمذي وابن ماجه عن ثوبان قال: لما نزلت الآية قال بعض أصحابه: فلو علمنا أي المال خير اتخذنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضله لسان ذاكر، وقلب شاكر، وزوجة صالحة تعين المؤمن على إيمانه".
قوله: (وتوفي رجل فوُجد)، الحديث في "مسند أحمد بن حنبل" عن أبي أمامة: أن رجلاً من أهل الصفة توفي وترك ديناراً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كية"، قال: ثم توفي آخر، فترك دينارين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيتان". وقلت: أمر أهل الصفة كان على التجريد وترك الادخار، فلما وُجد خلافه رُتب عليه الوعيد، لأن ذلك ظلم منهم.