ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قلت: وفي كلامه تعقيد، وخلاصته: أن المضمرات لا دلالة عليها في الآية، فيُقال: لا شك أن "أعطي" لا يُعدى بـ"عن" إلا على جهة التضمين، نحو قوله:
ينهون عن أكل وعن شرب
أي: يتناهون في السمن بسبب الأكل والشرب، وأن "اليد" تستعمل بإعانة القرائن: تارة في معنى الانقياد، كما قال عثمان رضي الله عنه: "هذي يدي لعمار"، أي: أنا مستسلم له منقاد، فليحكم علي. وتنزيل الآية على هذا: حتى يصدر إعطاؤهم الجزية عن انقياد وطاعة منهم. وأما استشهاده بقوله: أعطي بيده وأعطى يده - وهما كنايتان عن الانقياد، وما نحن بصدده من قبيل المجاز - فلمجرد المعنى، ولبيان العلاقة المعتبرة في المجاز، والتنبيه على الاستعمال.
وتارة في معنى الحلول والأداء، كما ورد في حديث أبي سعيد الخدري في الربا: "يداً بيد"، فتنزيلها عليه: حتى يعطوها إياكم صادرة عن يد إلى يد، أي: نقداً.
وأخرى في معنى النعمة، أي: بسبب إنعام منكم عليهم، أو: يعطوها صادرة عن يد، أي: نعمة حاصلة لهم، هي إبقاء أرواحهم وأخذ شيء قليل منهم بدلها، وإطلاق اليد على النعمة باب واسع.