ثم قال: "انهزموا ورب الكعبة" فانهزموا، ، قال العباس: لكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض خلفهم على بغلته.

(بِما رَحُبَتْ): "ما" مصدرية، والباء بمعنى "مع"، أي: مع رحبها، وحقيقته: ملتبسة برحبها، على أنّ الجارّ والمجرور في موضع الحال، كقولك: دخلت عليه بثياب السفر، أي ملتبسا بها لم أحلها، تعنى: مع ثياب السفر، والمعنى: لا تجدون موضعًا تستصلحونه لهربكم إليه ونجاتكم لفرط الرعب، فكأنها ضاقت عليكم، (ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ): ثم انهزمتم.

(سَكِينَتَهُ): رحمته التي سكنوا بها وآمنوا، (وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) الذين انهزموا، وقيل: هم الذين ثبتوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وقع الهرب، (وَأَنْزَلَ جُنُوداً) يعنى: الملائكة، وكانوا ثمانية آلاف، وقيل: خمسة آلاف، وقيل: ستة عشر ألفا، (وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا) بالقتل والأسر، وسبى النساء والذراري.

(ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ) أي: يسلم بعد ذلك ناس منهم.

وروى: أنّ ناسا منهم جاءوا فبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام، وقالوا: يا رسول الله، أنت خير الناس، وأبرّ الناس، وقد سبى أهلونا وأولادنا، وأخذت أموالنا -قيل: سبى يومئذ ستة آلاف نفس، وأخذ من الإبل والغنم مالا يحصى-، فقال: إنّ عندي ما ترون، إنّ خير القول أصدقه، اختاروا: إما ذراريكم ونساءكم،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ.

تراب من الأرض، ثم استقبل به وجوههم، فقال: "شاهت الوجوه"، فما خلق الله منهم إنساناً إلا ملأ عينيه تراباً بتلك القبضة، فولوا مدبرين، فهزمهم الله.

قوله: (ملتبساً بها لم أحلها): بيان لهيئة عند الدخول، وتصوير لتلك الحالة، كذلك، قوله: (بِمَا رَحُبَتْ)، أي: برحبها، بيان لهيئة الأرض، وهي مع سعتها ضاقت بهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015