داعين له على عدوكم: اللهم اخذلهم، اللهم اقطع دابرهم (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ): لعلكم تظفرون بمرادكم من النصرة والمثوبة.
وفيه إشعار بأنّ على العبد أن لا يفتر عن ذكر ربه أشغل ما يكون قلباً وأكثر ما يكون هما، وأن تكون نفسه مجتمعة لذلك، ......
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وفيه إشعار بأن [على] العبد): أي: أُدمج في الآية معنى وجوب ذكر الله في جميع المواطن، سيما في المواطن المهلكة، لأنه تعالى جعل الأمر بالذكر مسبباً عن لقاء العدو في الحرب، ولا مقام أشغل للقلب منه، وأدمج فيه أيضاً إيجاب التكلف لجمع النفس لأجل ذكر الله والتوكل عليه وتفويض الأمر إليه، وإن كانت أفكاره متوزعة، لأنه تعالى قرن الأمر بالذكر بقوله: (فَاثْبُتُوا)، ليُقبل إليه بشراشره فارغ البال واثقاً بأن لطفه لا ينفك عنه في شيء من الأحوال.
قوله: (أشغل ما يكون قلباً): فيه غرابة؛ لأن "ما" مصدرية، والوقت مقدر، فيكون إسناد "أشغل" إلى الوقت من باب: "نهاره صائم"، ويلزم منه إثبات القلب للوقت. والأحسن أن يكون "أشغل ما يكون" استعارة مكنية؛ شبه أوقاته بالإنسان على التصوير، ثم أثبت له الشغل على التخييلية، ثم فرع عليه القلب على الترشيح. وقيل: "أشغل" حال من الضمير في "يفتر"، و"ما" بمعنى: شيء، ويكون صفته، و"قلباً" تمييز. والمعنى: يجب على العبد أن لا يفتر عن ذكر ربه في حال يكون أشغل قلباً من أفراد الناس إذا فصل الناس واحداً واحداً.