(لَفَشِلْتُمْ): لجبنتم وهبتم الإقدام (ولَتَنَازَعْتُمْ) في الرأي، وتفرقت فيما تصنعون كلمتكم، وترجحتم بين الثبات والفرار (وَلكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ) أي: عصم وأنعم بالسلامة من الفشل والتنازع والاختلاف، (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) يعلم ما سيكون فيها من الجرأة والجبن والصبر والجزع.
[(وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) 44]
(وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ) الضميران مفعولان، يعنى: وإذ يبصركم إياهم، (وقَلِيلًا) نصب على الحال، وإنما قللهم في أعينهم تصديقاً لرؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليعاينوا ما أخبرهم به فيزداد يقينهم، ويجدّوا ويثبتوا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ.
خُصت بالرسول صلى الله عليه وسلم، وفي الثاني عمتن كأنه صلوات الله عليه أُريَ في اليقظة أنهم قليلون ليشجع أصحابه، فأخبرهم بما رأى لئلا يجبنوا، كما قال: (وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ)، ثم لما التقوا حقق الله تلك الإراءة في أعين أصحابه رضوان الله عليهم أيضاً، حيث قال: (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذْ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً) فتجاوبت الإراءتان. والله أعلم.
وفائدة العدول عن العين إلى مكانها: الإشعار بحصول الأمن الوافر، وإنزال السكينة التامة، وعدم المبالاة بهم، وهو كقوله تعالى: (ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاساً) [آل عمران: 154]، قال: "أنزل الله الأمن على المؤمنين، وأزال عنهم الخوف الذي كان بهم، حتى نعسوا وغلبهم النوم".
قوله: (وترجحتم بين الثبات والفرار)، الأساس: "رجحت الشيء: وزنته بيدي، ونظرت ما ثقله".