حتى خرجوا ليأخذوا الغير راغبين في الخروج، وشخص بقريش مرعوبين مما بلغهم من تعرّض رسول الله صلى الله عليه وسلم لأموالهم، حتى نفروا ليمنعوا عيرهم، وسبب الأسباب حتى أناخ هؤلاء بالعدوة الدنيا وهؤلاء بالعدوة القصوى ووراءهم العير يحامون عليها، حتى قامت الحرب على ساق، وكان ما كان.
(وَلَوْ تَواعَدْتُمْ) أنتم وأهل مكة، وتواضعتم بينكم على موعد تلتقون فيه للقتال، لخالف بعضكم بعضاً، فثبطكم قلتكم وكثرتهم عن الوفاء بالموعد، وثبطهم ما في قلوبهم من تهيب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين، فلم يتفق لكم من التلاقي في ما وفقه الله وسبب له.
(لِيَقْضِيَ) متعلق بمحذوف، أي ليقضى أمراً كان واجباً أن يفعل، وهو نصر أوليائه، وقهر أعدائه، دبر ذلك، .......
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دبره الله تعالى، أي: صوروا في أنفسكم تلك الحالات العجيبة الدال على القدرة الباهرة من فاتحتها إلى خاتمتها، لتعرفوا حسن تدبير الله فيها، في إعلاء كلمته، ونصرة أوليائه، وقهر أعدائه، إلى غير ذلك، وإليه الإشارة بقوله: "وكان ما كان"، وإنما قُلنا: إن الواو للحال دون الإخبار؛ لأن المراد التنبيه والتصوير كما سبق.
قوله: (وشخص بقريش)، الجوهري: "شخص من بلد إلى بلد شخوصاً، أي: ذهب، وأشخصه غيره".
قوله: (أي: ليقضي أمراً كان واجباً أن يُفعل، وهو نصر أوليائه وقهر أعدائه): هذا إن كان بسبب الوعد - كقوله تعالى: (وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) [الروم: 47]- فلا نزاع، وإن كان سببه الاستحقاق أو رعاية الأصلح فلا، قال في "مريم" في قوله تعالى: (وَكَانَ أَمْراً مَقْضِيّاً) [مريم: 21]: "أي: مقدراً مسطوراً في اللوح، لابد من جريه عليك، أو كان