ولا يمشى فيها إلا بتعب ومشقة، وكانت العير وراء ظهور العدوّ مع كثرة عددهم، فكانت الحماية دونها تضاعف حميتهم، وتشحذ في المقاتلة عنها نياتهم. ولهذا كانت العرب تخرج إلى الحرب بظعنهم وأموالهم، ليبعثهم الذب عن الحريم، والغيرة على الحرم على بذل جهيداهم في القتال، وأن لا يتركوا وراءهم ما يحدّثون أنفسهم بالانحياز إليه، فيجمع ذلك قلوبهم ويضبط هممهم ويوطن نفوسهم على أن لا يبرحوا مواطنهم، ولا يخلوا مراكزهم، ويبذلوا منتهى نجدتهم وقصارى شدّتهم.

وفيه تصوير ما دبر سبحانه من أمر وقعة بدر؛ ليقضى أمراً كان مفعولا؛ من إعزاز دينه وإعلاء كلمته، حين وعد المسلمين إحدى الطائفتين مبهمة غير مبينة، .........

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وتشحذ في المقاتلة)، الجوهري: "شحذت السكين أشحذه شحذاً، أي: حددته، والمشحذ: المسن"، وهو من الاستعارة المكنية أو التبعية.

قوله: (على بذل جهيداهم)، الأساس: "بلغ جهده ومجهوده، أي: طاقته، ولا بلُغن جُهَيداي".

قوله: (منتهى نجدتهم)، الأساس: "نجد الرجل، ورجل نجد ونجيد، أي: شجاع".

قوله: (وفيه تصوير ما دبر الله): قيل: هو عطف على "فيه الإخبار عن الحال"، فيكون الجواب من وجهين. وقلت: بل هي واو الحال، أي: في التوقيت والإخبار عن الحال الدالة على قوة شأن العدو وضعف شأن المسلمين. وفي الإخبار على هذا النهج: إدماج تصوير ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015