لرسول الله صلى الله عليه وسلم، كقوله (وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) [التوبة: 62]، وأن يراد بذكره: إيجاب سهم سادس يصرف إلى وجه من وجوه القرب، وأن يراد بقوله: (فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ): أن من حق الخمس أن يكون متقرّبا به إليه لا غير. ثم خص من وجوه القرب هذه الخمسة؛ تفضيلاً لها على غيرها، كقوله تعالى (وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ) [البقرة: 98].
فعلى الاحتمال الأول: مذهب الإمامين، وعلى الثاني: ما قال أبو العالية: أنه يقسم على ستة أسهم: سهم لله تعالى ........
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (إن من حق الخمس أن يكون متقرباً به إليه لا غير): الفرق بين هذا الوجه والثاني: أن على الثاني الأصل إيجاب التسوية بين هؤلاء المذكورين وبين حق الله، وعلى هذا لا تجب المساواة؛ لأن الخمس ثابت لله، وهؤلاء اختصوا بالذكر لمزيد الشرف، فالمصالح هي التي أوجب لهم ذلك، فيقسم عليهم وعلى غيرهم بالاجتهاد.
قال الزجاج: "مذهب مالك في هذا الخُمس أنه إنما ذكر هؤلاء لأنه من أهم من هو يدفع إليهم، فيجيز أن يُقسم بينهم، ويجيز أن يعطي بعضاً دون بعض، ويُجيز أن يخرجهم من القسم إن كان أمر غيرهم أهم من أمرهم. وحجته أن ذكر هؤلاء إنما وقع للخصوص، كقوله تعالى: (وَمَلائِكَتُهُ ... وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ) [البقرة: 98]، فذكرهما لخصوصهما، ومنه قوله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) [البقرة: 215]، فللرجل أن ينفق في البر على هذه الأصناف كيف شاء".
قال في "الانتصاف": "الأمر فيه موكول عند مالك إلى رأي الإمام يصرفه في مصالح المسلمين، والآية مطابقة له، والمراد منها بيان أن الخمس مصروف في وجوه القربات لله تعالىن وتخصيص ما ذُكر تنبيه على فضله".