منهم الذين حاق بهم مكرهم يوم بدر، أو: فقد مضت سنة الذين تحزّبوا على أنبيائهم من الأمم فدمّروا، فليتوقعوا مثل ذلك إن لم ينتهوا.

وقيل: معناه: أنّ الكفار إذا انتهوا عن الكفر وأسلموا غفر لهم ما قد سلف لهم من الكفر والمعاصي، وخرجوا منها، كما تنسلّ الشعرة من العجين، ومنه قوله عليه والسلام: "الإسلام يجب ما قبله"، وقالوا: الحربي إذا أسلم لم يبق عليه تبعة قط، وأما الذمي فلا يلزمه قضاء حقوق الله تعالى، وتبقى عليه حقوق الآدميين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وقيل: معناه: أن الكفار إذا انتهوا): عطف على قوله: " (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) من أبي سفيان وأصحابه"، والقول الأول تهديد لكفار قريش المرادين بقوله: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ) وهو نفقتهم يوم أحد، والموصولة مع صلتها مُظهر وُضع موضع المضمر، وهو على وجهين:

أحدهما: أن يحمل التعريف في الأولين على العهد، وهو المراد من قوله: "الذين حاق بهم مكرهم يوم بدر"، أو على الجنس ليدخلوا فيه دخولاً أولياً، وهو الذي أراده بقوله: "أو الذين تحزبوا على أنبيائهم".

والقول الثاني- أي: قوله: "وقيل: معناه الكفار"- ترغيب في الدخول في الإيمان وحث عليه، وهي عامة. ومعناه ما قاله الإمام: إذا انتهوا عن الكفر لهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين، وإن عادوا إلى الكفر فقد رجع التسلط والقهر.

وقلت: على هذا لا يحسن التقابل بين قوله: (إِنْ يَنتَهُوا) وبين قوله: (وَإِنْ يَعُودُوا) حسنه في الوجه الأول؛ لأن التقابل الظاهر: إن ينتهوا عن الكفر يكون كذا، وإن لم ينتهوا - أي: داموا عليه - يكون كذا، لأن العود الرجوع إلى ما كان.

قوله: (الإسلام يجب ما قبله): روينا عن مسلم عن عمرو بن العاص: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015