وقرئ: (ليميز) على التخفيف.

[(قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ) 38]

(قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) من أبى سفيان وأصحابه، أي: قل لأجلهم هذا القول، وهو (إِنْ يَنْتَهُوا)، ولو كان بمعنى: خاطبهم به، لقيل: إن تنتهوا يغفر لكم، وهي قراءة ابن مسعود، ونحوه:

(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ ءامَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ) [الأحقاب: 11]، خاطبوا به غيرهم لأجلهم ليسمعوه، أي إن ينتهوا عمَّاهم عليه من عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتاله؛ بالدخول في الإسلام (يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ) لهم من العداوة، (وَإِنْ يَعُودُوا) لقتاله، (فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ) .........

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(أُوْلَئِكَ): الفريق الخبيث، ولذلك قال: "ليميز الله الفريق الخبيث"، والفريق الخبيث: هم الخاسرون. وعلى الثاني: المراد من الخبيث والطيب: المال، فالمناسب أن يكون المعلل قوله: (ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً)، لأن الضمير فيه للأموال، وليس إذن المشار إليه القريب سوى قوله: (َالَّذِينَ كَفَرُوا)، والظاهر أن يكون تعليلاً لـ (يُحْشَرُونَ) فيدخل فيه أيضاً معنى الحسرة، وذلك أنه تعالى لما بين أن إنفاقهم في الصد، أثمر لهم الحسرة والمغلوبية في الدنيا، ضم إليهما حُكم ما يلحقهم في الآخرة، فعطف جملة قوله: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ) على جملة قوله: (يُغْلَبُونَ) يعني: في العاقبة يغلبون جميعاً، ثم بعضهم يسلمون وبعضهم يموتون على الكفر، أي: بعض الذين أنفقوا ليصدوا عن سبيل الله، ويحشرون ليميز الله الخبيث من الطيب مطلقاً.

ومعنى (أُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ): أولئك هم المخصوصون بالخسران الكامل، حيث خسروا الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين.

قوله: (وقرئ: (ليميز) على التخفيف): كلهم إلا حمزة والكسائي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015