(وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ): وأي شيء لهم في انتفاء العذاب عنهم؟ يعنى:

لاحظّ لهم في ذلك، وهم معذبون لا محالة، وكيف لا يعذبون وحالهم أنهم يصدّون عن المسجد الحرام، كما صدّوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية؟ ! وإخراجهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين من الصدّ، وكانوا يقولون: نحن ولاة البيت والحرم، فنصدّ من نشاء، وندخل من نشاء.

(وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ): وما استحقوا مع إشراكهم وعداوتهم للدين أن يكونوا ولاة أمره وأربابه، (إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ) من المسلمين، ليس كل مسلم أيضاً ممن يصلح لأن يلي أمره، إنما يستأهل ولايته من كان براً تقياً، فكيف بالكفرة عبدة الأصنام؟ ! (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) كأنه استثنى من كان يعلم وهو يعاند ويطلب الرياسة، أو أراد بالأكثر: الجميع، كما يراد بالقلة: العدم.

[(وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) 35]

المكاء: فعال، بوزن الثغاء والرغاء، من: مكا يمكو: إذا صفر، ومنه المكاء، كأنه سمي بذلك لكثرة مكائه، .........

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ.

قوله: (وإخراجُهم): مبتدأ، والخبر "من الصد"، قيل: هو عطف على "كما صدوا" من حيث المعنى، والظاهر أنه جملة مستطردة، يعني: أنهم كانوا يصدون صداً حقيقياً وغير حقيقي، لأن إخراجهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة حين هاجر ملحق بالصد.

قوله: (ليس كل مسلم ممن يصلح): يعني: في تخصيص ذكر "المتقين"، والعدول إلى "المؤمنين": إشارة إلى الإيغال والمبالغة.

قوله: (ومنه المُكاء)، الجوهري: "المُكاء - بالمد والتشديد- طائر، والجمع: المكاكي، وبالتخفيف: الصفير".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015