ومع ما علم وظهر ظهور الشمس من حرصهم على أن يقهروا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتهالكهم على أن يغمروه!
وقيل: قائله النضر بن الحرث المقتول صبراً، حين سمع اقتصاص الله أحاديث القرون: لو شئت لقلت مثل هذا. وهو الذي جاء من بلاد فارس بنسخة حديث رستم وإسفنديار، فزعم أن هذا مثل ذاك، وأنه من جملة تلك الأساطير، وهو القائل: (إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ) وهذا أسلوب من الجحود بليغ، .......
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (على أن يغمروه)، الجوهري: "الغمر: الماء الكثير، وقد غمره الماء يغمره، أي: علاه، ومنه قيل للرجل: غمره القوم: إذا علوه شرفاً".
قوله: (المقتول صبراً)، الجوهري: "يقال: قُتل فلان صبراً، وحلف صبراً: إذا حُبس على القتل حتى يُقتل، أو على اليمين حتى يحلف". قتل النبي صلى الله عليه وسلم النضر بن الحارث صبراً، وكان يتأذى منه، قال المرزوقي: [قالت] قتيلة ابنته لما جاءت إلى حضرة النبي صلى الله عليه وسلم، وأنشدته أبياتاً منها:
ظلت سيوف بني أبيه تنوشه ... لله أرام هناك تشقق
أمحمد ولأنت نجل نجيبة ... من قومها والفحل فحل معرق
ما كان ضرك لو مننت وربما ... من الفتى وهو المغيظ المحنق
فالنضر أقرب من أصبت وسيلة ... وأحقهم إن كان عتق يعتق
فرق لها النبي صلى الله عليه وسلم وبكى، وقال: "لو جئتني من قبل لعفوت عنه"، ثم قال: "لا يُقتل قرشي بعد هذا صبراً".
قوله: (أسلوب من الجحود بليغ): وهو من أسلوب قوله تعالى: (وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا) [البقرة: 23]، والكلام مع المرتابين، وهذا لا يُصار إليه إلا فيما ظهر خلافه ظهوراً