فإنهم لم يتوانوا في مشيئتهم لو ساعدتهم الاستطاعة، وإلا فما منعهم، إن كانوا مستطيعين، أن يشاؤوا غلبة من تحدّاهم وقرعهم بالعجز، حتى يفوزوا بالقدح المعلى دونه؟ مع فرط أنفتهم، واستنكافهم أن يغلبوا في باب البيان خاصة، وأن يماتنهم واحد، فيتعللوا بامتناع المشيئة، ........
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الميداني: "الصلف: قلة النزل والخير، والراعدة: السحابة ذات الرعد"، يُضرب في الرجل يتوعد، ثم لا يقوم به. وفي الحواشي: يضرب لمن يكثر الكلام ولا خير عنده.
قوله: (وإلا فما منعهم): أي: وإن لم يكن نفاجة فما منعهم عن أن يشاؤوا غلبة من تحداهم حتى يفوزوا بالقدح المعلى دون رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقوله: "إن كانوا مستطيعين" شرط جزاؤه ما دل عليه "ما منعهم"، والجملة الشرطية معترضة، و"أن يشاؤوا" مفعول "منعهم"، و"قرعهم" عطف على "تحداهم"، و"حتى يفوزوا" غاية "أن يشاؤوا"، و"مع فرط أنفتهم" حال من مفعول "منعهم"، أي: فما منعهم مع أنفتهم ونخوتهم المفرطة، و"أن يماتنهم" عطف على "أن يغلبوا".
"فيتعللوا": قيل: هو جواب الاستفهام، والظاهر أنه عطف على "يماتنهم"، أي: استنكفوا أن يطلبوا بالمماتنة، فيتعللا فيها بامتناع المشيئة، لأنهم ما كانوا مستنكفين عن مجرد المماتنة، فكيف ودأبهم المفاخرة والمساجلة، ورثوها كابراً عن كابر؟ كما قال: "إن أتاهم أحد بمفخرة أتوه بمفاخر، وإن رماهم بمأثرة رموه بمآثر"، حتى نزل فيهم: (أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ *حَتَّى زُرْتُمْ الْمَقَابِرَ) [التكاثر: 1 - 2].
قوله: (أن يماتنهم)، الأساس: "في رأيه متانة، وماتنه في الشعر: عارضه، وتماتناً، وتعال أماتنك أينا أمتن شعراً، وبينهما مماتنة: معارضة في كل أمر ومباراة".