من قولهم "بتّ أفعل كذا" حتى سطع الفرقان، أي: طلع الفجر، أو مخرجا من الشبهات وتوفيقاً وشرحاً للصدور، أو تفرقة بينكم وبين غيركم من أهل الأديان، وفضلا ومزية في الدنيا والآخرة.

[(وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمكِرِينَ) 30]

لما فتح الله عليه، ذكره مكر قريش به حين كان بمكة، ليشكر نعمة الله في نجاته من مكرهم واستيلائه عليهم، وما أتاح الله له من حسن العاقبة، والمعنى: واذكر إذ يمكرون بك، وذلك أن قريشا -لما أسلمت الأنصار وبايعوه- فرقوا أن يتفاقم أمره، فاجتمعوا في دار الندوة متشاورين في أمره، فدخل عليهم إبليس في صورة شيخ، .......

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (أو تفرقة بينكم): فإن قلت: ذكر لقوله: (فُرْقَاناً) وجوهاً، وهي أن يكون نصراً أو بياناً أو مخرجاً أو تفرقة، فأيها أحسن؟ قلت: الجمع بينها، لأن هذه الآية كالخاتمة لجميع ما سبقن بدليل عوده إلى بدء القصة، وهو قوله: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا) [الأنفال: 30]، و"أو" في كلام المصنف للتخيير، كما في قولك: جالس الحسن أو ابن سيرين.

قوله: (لما فتح الله عليه ذكره مكر قريش به): يعني: بعد أن فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمر قريش بتمامه ذكره بدو حالهم معه ليعتبر فيشكر. وفيه بيان لتوفيق النظم، وتنبيه على ما أشرنا في فاتحة السورة وعند تفسير (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ) [الأنفال: 17].

قوله: (في دار الندوة)، الجوهري: "الندي: مجلس القوم ومتحدثهم، وكذلك الندوة والنادي والمنتدى، ومنه سميت دار الندوة التي بمكة، بناها قُصي، لأنهم كانوا يندون فيها، أي: يجتمعون للمشاورة".

والحديث مذكور في "مسند أحمد بن حنبل" عن ابن عباس، وليس فيه ذكر إبليس رأساً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015