وقيل: (أَمانتِكُمْ): ما ائتمنكم الله عليه من فرائضه وحدوده.
فإن قلت: (وَتَخُونُوا) جزم هو أم نصب؟ قلت: يحتمل أن يكون جزما داخلا في حكم النهى، وأن يكون نصباً بإضمار "أن"، كقوله: (وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ) [البقرة: 42]، وقرأ مجاهد: "وتخونوا أمانتكم"، على التوحيد.
[(وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) 28]
جعل الأموال والأولاد فتنة، لأنهم سبب الوقوع في الفتنة، وهي الإثم أو العذاب، أو محنة من الله تعالي ليبلوكم كيف تحافظون فيهم على حدوده؟ (وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ)
فعليكم أن تنوطوا بطلبه، وبما تؤدى إليه هممكم، وتزهدوا في الدنيا، ولا تحرصوا على جمع المال وحب الولد، حتى تورّطوا أنفسكم من أجلهما، كقوله: (الْمالُ وَالْبَنُونَ) الآية [الكهف: 46].
وقيل: هي من جملة ما نزل في أبى لبابة، وما فرط منه لأجل ماله وولده.
[(يأيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) 29]
(فُرْقاناً): نصراً، لأنه يفرق بين الحق والباطل، وبين الكفر بإذلال حزبه، والإسلام بإعزاز أهله. ومنه قوله تعالى: (يَوْمَ الْفُرْقانِ) [الأنفال: 41]، أو بياناً وظهورا يشهر أمركم ويبث صيتكم وآثاركم في أقطار الأرض، .......
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أو محنة من الله): عطف على قوله: "سبب الوقوع"، كقوله: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ) [الكهف: 46]، فقوله: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ): أي: محنة من الله ليبلوكم، كقوله: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) [الكهف: 46]، وقوله: (وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) قوله: (وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً) [الكهف: 46].