ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فعلى هذا قوله: (لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) عبارة عن شدتها وهولها من غير نظر إلى مفردات التركيب، كأنه قيل: واتقوا فتنة هائلة طامة "لا تصيبنكم خاصة على ظلمكم، لأن الظلم أقبح منكم من سائر الناس"، كما قال، لأن المخاطبين أجلاء الصحابة، إذ القصد حينئذ الإغراق في الوصف، ولذلك عدل إلى الإنشاء، على طريقة قوله تعالى: (وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ الْعَذَابِ الْمُهِينِ * مِنْ فِرْعَوْنَ) [الدخان: 30 - 31] على الاستفهام.

وإنما جاء الفرق بين الوجه الأول والثاني؛ لأن الفتنة على الأول إقرار المنكر، والمخاطبون كل الأمة، وقد أمر بعضهم برفعها بالإقلاع عنها، فقيل لهم: إن لم ترفعوا المنكر من بين أظهركم بنهي فاعله، لا تختص الفتنة بالفاعل، بل تسري إلى الغير أيضاً، لأنه كما يجب على راكبه الانتهاء عنه، يجب على الباقين رفعه، فإذن كلهم مستوون، ومن ثم أوجب أن يجعل "مِن" في (منكم) للتبعيض.

ويؤيد هذا التأويل ما روى محيي السنة عن ابن عباس رضي الله عنه: "أمر الله المؤمنين أن لا يُقروا المنكر بين أظهرهم، فيعمهم الله بعذاب يصيب الظالم وغير الظالم"، ويعضده ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015