(وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ) في هؤلاء الصم البكم (خَيْراً) أي: انتفاعا باللطف، (لَأَسْمَعَهُمْ): للطف بهم، حتى يسمعوا سماع المصدقين، ثم قال: (وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا)، يعنى: ولو لطف بهم لما نفع فيهم اللطف، فلذلك منعهم ألطافه، أو: ولو لطف بهم فصدقوا لارتدوا بعد ذلك وكذبوا ولم يستقيموا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وفي تعريف الخبر الدلالة على الحصر، وأن من لم يُطع الله ورسوله هو شر خلق الله تعالى، ولا دابة شر منه، وإن كان مطاعاً عند الناس.

قوله: (ثم قال: (وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ) يعني: ثم الكلام عند قوله: (لأَسْمَعَهُمْ)، وعُلم منه أن علمه تعالى بعدم الانتفاع سبب لعدم الإسماع.

ثم ابتدأ الكلام بناء على ما سبق، أي: لو قُدر أن الله تعالى يلطف بهم ويسمعهم على ذلك التقدير لكان عبثاً، لأن علم الله تعالى متعلق بأنه لا ينفعهم، فلذلك ما لطف بهم، وقوله: "أو: ولو لطف بهم لما نفع فيهمن أي: لو لطف بهم على ذلك التقدير وآمنوا لارتدوا"، ونفي العلم هاهنا لنفي المعلوم، كقوله: (أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ) [يونس: 18].

واعلم أن كلمة "لو" وضعت للدلالة على امتناع الشيء لامتناع غيره، فإذا دخلت على النفي يصير بمعنى الإثبات، ولو دخل على الإثبات صار بمعنى النفي، فيلزم من قوله تعالى: (وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ) أنه تعالى ما أسمعهم لأنه ما علم فيهم خيراً، ومن الثاني أنهم ما تولوا لأنه تعالى ما أسمعهم، وعدم التولي خير من الخيرات، فالابتداء يقتضي نفي الخيرن والانتهاء إثباته، ولهذا قدر الإمام: "لو حصل فيهم خير لأسمعهم الله الحجج سماع تفيهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015