والمعنى: وللإحسان إلى المؤمنين فعل ما فعل، وما فعله إلا لذلك (إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ) لدعائهم (عَلِيمٌ) بأحوالهم.

[(ذلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكفِرِينَ) 18]

(ذلِكُمْ) إشارة إلى البلاء الحسن، ومحله الرفع، أي: الغرض ذلكم، (وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ) معطوف على (ذلِكُمْ)، يعنى: أن الغرض إبلاء المؤمنين وتوهين كيد الكافرين ........

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يقول: جزى الله الممدوحين بالإحسان جزاء ما فعلا بكم، وأعطاهما خير العطاء الذي يُعطى لأحد، فـ"ما" موصولة، حُذف منها المضاف، وأقيمت مقامه.

قلت: الظاهر أن يفسر قوله: (بَلاءً حَسَناً) بالإبلاء في الحرب، النهاية: "في حديث سعد يوم بدر: "عسى أن يُعطى هذا من لا يبلى بلائي"، أي: لا يعمل مثل عملي في الحرب، كأنه يريد: أفعل فعلاً أختبر فيه، ويظهر به خيري وشري"، لما أنه في مقابل توهين كيد الكافرين كما قال، لأن الغرض إبلاء المؤمنين وتوهين كيد الكافرين، المعنى: ما فعل الله القتل والرمي إلا ليعطي المؤمنين منه - أي: بسبب ذلك- قوة ونجدة، وإلا ليوهن أمر الكافرين ويبطل كيدهم.

ويمكن أن يوجه قول المصنف بحمل العطاء على ما ذكرنا، لأن العطاء الحسن في مقام الحرب النجدة والقوة، وأما توسيط (ذَلِكُمْ) بين الإعطاء والتوهين؛ فلبعدهما من العطاءين.

قوله: ((وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ) معطوف على (ذَلِكُمْ): أي: عطف خبر على خبر، ويجوز أن يكون عطف جملة، أي: الغرض ذلكم والغرض أن الله موهن. وعليه كلام أبي البقاء، لكنه قدر "الأمر" بدل "الغرض"، وهو أبعد من مذهب الاعتزال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015