وانهزم رجل من القادسية، فأتى المدينة إلى عمر رضي الله عنه فقال: "يا أمير المؤمنين هلكت، فررت من الزحف، فقال عمر رضي الله عنه: أنا فئتك".

وعن ابن عباس رضي الله عنه: "إنّ الفرار من الزحف من أكبر الكبائر". فإن قلت: بم انتصب (إِلَّا مُتَحَرِّفاً)؟ قلت: على الحال، و (إلا) لغو، أو على الاستثناء من المولين، أي: ومن يولهم إلا رجلا منهم متحرّفاً أو متحيزاً.

وقرأ الحسن: (دُبُرَهُ) بالسكون، ووزن "متحيز": متفيعل، لا: متفعل، لأنه من حاز يحوز، فبناء "متفعل" منه: متحوّز.

[(فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) 17]

لما كسروا أهل مكة، وقتلوا وأسروا، أقبلوا على التفاخر، فكان القائل يقول: قتلت وأسرت، ولما طلعت قريش قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ......

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (رجل من القادسية)، المغرب: "هو موضع بينه وبين الكوفة خمسة عشر ميلاً".

قوله: (و (إلا) لغو) أي: لفظة (إلا) لغو من حيث اللفظ، أي: مزيدة، لأن العامل يعمل في الحال استقلالاً، لكنها معطية في المعنى فائدتها، والكلام في سياق النفي، المعنى: فلا تولوهم الأدبار في حال من الأحوال إلا متحرفاً.

قوله: (ولما طلعت قريش) إلى قوله: "خذ قبضة من تراب فارمهم بها" إلى آخره: يدل على أن هذه الرمية غير الرمية التي وُجدت يوم حنين، قال محي السنة: "قال أهل التفسير والمغازي: ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، فانطلقوا حتى نزلوا بدراً"، وساق القصة إلى قوله: "فلما التقى الجمعان تناول كفا من حصى عليها تراب، فرمى به في وجوه القوم، وقال: "شاهت الوجوه"، فلم يبق منهم مشرك مشرك إلا دخل في عينيه وفمه ومنخريه، فانهزموا".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015