و (رِجْزَ الشَّيْطانِ): وسوسته إليهم، وتخويفه إياهم من العطش. وقيل: الجنابة، لأنها من تخييله. وقرئ: "رجس الشيطان".

وذلك أن إبليس تمثل لهم، وكان المشركون قد سبقوهم إلى الماء، ونزل المؤمنون في كثيب أعفر تسوخ فيه الأقدام على غير ماء، وناموا فاحتلم أكثرهم، فقال لهم: أنتم- يا أصحاب محمد- تزعمون أنكم على الحق، وأنكم تصلون على غير وضوء وعلى الجنابة، وقد عطشتم، ولو كنتم على حق ما غلبكم هؤلاء على الماء، وما ينتظرون بكم إلا أن يجهدكم العطش، فإذا قطع العطش أعناقكم

مشوا إليكم فقتلوا من أحبوا، وساقوا بقيتكم إلى مكة، فحزنوا حزناً شديداً وأشفقوا، فأنزل الله عز وجل المطر، فمطروا ليلا حتى جرى الوادي، واتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الحياض على عدوة الوادي، وسقوا الركاب، واغتسلوا وتوضؤوا، وتلبد الرمل الذي كان بينهم وبين العدو، حتى ثبتت عليه الأقدام، وزالت وسوسة الشيطان، وطابت النفوس.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

زرتك لتكرمني، وأما اللام في القراءة الشاذة فمتعلقة بمحذوف، كقولك: دفعت إليه المال الذي له، أي: استقر وثبت له، وفيها ضمير لتعلقها بالمحذوف، ومعنى القراءتين يرجع إلى واحد، والمشهورة أفصح لتصريح التعليل فيها.

قوله: (وقرئ: "رجس الشيطان") قال ابن جني: "الرجس في القرآن: العذاب، كالرجز، ورجس الشيطان: وسوسته، الرجس في الأصل: كل ما تستقذره النفس، كالخنزير ونحوه".

قوله: (كثيب أعفر): أي: رمل أبيض تعلوه حمرة، "تسوخ" أي: تدخل فيه الأقدام وتغيب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015