(أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ) أي: كانوا السبب في شركنا؛ لتأسيسهم الشرك، وتقدّمهم فيه، وتركه سنةً لنا.
(وَكَذلِكَ): ومثل ذلك التفصيل البليغ، (نُفَصِّلُ الْآياتِ) لهم، (وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ): وإرادة أن يرجعوا عن شركهم نفصلها.
وقرئ: "ذريتهم" على التوحيد، و"أن يقولوا" بالياء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولقائل أن يقول: لم لا يجوز أن يكون عاماً كالتذييل للميثاق الخاص، فيدخل فيه اليهود دخولاً أولياً، فلا تكون الواو عاطفة؟ ولأن ألفاظها لا تقبل التخصيص إلا بالتعسف، كما أول الشرك.
وبيان التذييل أن قوله: (وإذْ نَتَقْنَا الجَبَلَ) [الأعراف: 171] في معنى: أخذ الميثاق، بدليل قوله تعالى في "البقرة": (وإذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ ورَفَعْنَا فَوْْقَكُمُ الطُّورَ) [البقرة: 63، 93]، وقول المصنف: " (وإذا أخذنا ميثاقكم): بالعمل بما في التوراة (ورفعنا فوقكم الطور) حتى قبلتم، وأعطيتم الميثاق". أتي بالميثاق الخاص، من حيث الصورة، ثم عقبه بالعام من حيث المعنى، دلالةً على شدة شكيمتهم، وفرط عتوهم في أن الإلزام السمعي والعقلي - على رأيه - لا يجدي فيهم.
قال القاضي: "المقصود من إيراد هذا الكلام إلزام اليهود بمقتضى الميثاق العام، بعد ما ألزمهم بالميثاق المخصوص بهم، والاحتجاج عليهم بالحجج السمعية والعقلية، ومنعهم عن التقليد، وحملهم على النظر والاستدلال، كما قال: (وكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ ولَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)، أي: عن التقليد، واتباع الباطل".