فإن قلت: بنو آدم وذرّياتهم من هم؟ قلت: عنى بـ"بني آدم": أسلاف اليهود الذين أشركوا بالله، حيث قالوا: عزير ابن الله. وبـ"ذرّياتهم": الذين كانوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من أخلافهم المقتدين بآبائهم، والدليل على أنها في المشركين وأولادهم: قوله: (أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ)، والدليل على أنها في اليهود: الآيات التي عُطفت عليها هي، والتي عطفت عليها وهي على نمطها وأسلوبها، وذلك قوله: (وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ) [الأعراف: 163]، (وَإِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ) [الأعراف: 164]، (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ) [الأعراف: 167]، (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ) [الأعراف: 171]. (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا) [الأعراف: 175].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويجوز أن يكون تعليلاً للثاني، كأنه قيل: فعلنا نصب الأدلة كراهة أن تقولوا: (إنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ)، لأنه "قائم معهم" لا يفارقهم، "فلا عذر لهم في الإعراض عنه، والإقبال على التقليد". فلما كان هذا التنبيه لا يفارق أحداً من المكلفين، قال: "لا عذر لآبائهم في الشرك".
قوله: (الآيات التي عطفت عليها هي) أي: عطفت: (وإذ نتقنا الجبل)، (وإذ تأذن) [الأعراف: 167]، (وإذ قيل لهم اسكنوا) [الأعراف: 161].
قوله: (والتي عطفت عليها) أي: على قوله: (وإذ أخذ)، وهي قوله: (واتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا) [الأعراف: 175] وسائر الآيات التي تتعلق بـ"بلعم".
قوله: (وهي على نمطها وأسلوبها): أي: (وإذ أخذ ربك): على نمط الآيات المتقدمة والمتأخرة.