فإن قلت: علام عطف قوله: (وَدَرَسُوا ما فِيهِ)؟ قلت: على (أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ)، لأنه تقرير، فكأنه قيل: أخذ عليهم ميثاق الكتاب ودرسوا ما فيه.

[(وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ)].

(وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ) فيه وجهان، أحدهما: أن يكون مرفوعاً بالابتداء، وخبره: (إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ)،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يعني: ألم يؤخذ عليهم الميثاق، باستحفاظ كتاب الله من غير التغيير والتبديل؟ فكيف غيروا وبدلوا وأخذوا عليه الرشا، فكفروا ونقضوا ميثاق الله، ثم قالوا: استغفر لنا؟

فإن قلت: فعلى هذا: المنكر هو التغيير والتبديل، والمنكر هو القول، لما مر أن قوله: " (أن لا يقولوا على الله إلا الحق) عطف بيان لـ (ميثاق الكتاب) ".

قلت: إنهم إذا غيروا وبدلوا، لابد أن يقولوا: هو من عند الله، ليأخذوا عليه الرشا.

قال المصنف في قوله تعالى: (وإنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الكِتَابِ ومَا هُوَ مِنَ الكِتَابِ ويَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ) [آل عمران: 78]: "قال ابن عباس: هم اليهود من الذين قدموا على كعب بن الأشرف، غيروا التوراة، وكتبوا كتاباً بدلوا فيه صفة رسول الله صلي الله عليه وسلم، ثم أخذت قريظة ما كتبوه، فخلطوه بالكتاب الذي عندهم". والله أعلم.

قوله: (لأنه تقرير) أي: يجب أن يكون (ودرسوا) عطفاً على (ألم يؤخذ)، وإن اختلفا خبراً وطلباً، لأن الاستفهام وارد على التقرير، فهو بمنزلة الإخبار عن الثابت، فيصح العطف لعدم المنافاة. ولهذا قال: "أخذ عليهم الميثاق، ودرسوا".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015