ويجوز أن يكون "الأخذ" الذي هو مصدر (يأخذون)، (وَإِنْ يَاتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَاخُذُوهُ) الواو للحال، أي: يرجون المغفرة وهم مصرون عائدون إلى مثل فعلهم، غير تائبين. وغفران الذنوب لا يصح إلا بالتوبة، والمصر لا غفران له، (أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ) يعني قوله في التوراة: من ارتكب ذنباً عظيماً فإنه لا يغفر له إلا بالتوبة، (وَدَرَسُوا ما فِيهِ): في الكتاب من اشتراط التوبة في غفران الذنوب، والذي عليه المجبرة هو مذهب اليهود بعينه كما ترى.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: ((وإن يأتهم .... ): الواو للحال) أي: من الضمير في "يقولون"، والقول: بمعنى الاعتقاد والظن. ولذلك قال: "يرجون المغفرة وهم مصرون".

النهاية: "لما رأي رسول الله صلي الله عليه وسلم الأخبية في المسجد قال: "البر تقولون بهن"؟ أي: أتظنون وترون أنهن أردن البر؟ ".

قال الزجاج: "إنهم كانوا يذنبون بأخذ الرشا، ويقولون: سيغفر لنا، من غير أن يتوبوا، لأن قوله تعالى: (وإن يَاتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَاخُذُوهُ) دليل على إصرارهم على الذنب".

قوله: (والذي عليه المجبرة هو مذهب اليهود بعينه) سقطة منه، لأن أهل السنة لا يتمنون المغفرة مع الإصرار، وهم أحزم من ذلك؛ ألا ترى إلى ما رواه الترمذي عن شداد، عن رسول الله صلي الله عليه وسلم: "الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015