فإن قلت: هلا قيل: "فآمنوا بالله وبي"، بعد قوله: (إني رسول الله إليكم)؟ قلت: عدل عن المضمر إلى الاسم الظاهر لتجري عليه الصفات التي أجريت عليه، ولما في طريقة الالتفات من مزية البلاغة، وليعلم أنّ الذي وجب الإيمان به واتباعه هو هذا الشخص المستقل بأنه النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته، كائناً من كان، أنا أو غيري، إظهاراً للنصفة وتفادياً من العصبية لنفسه.

[(وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ)].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وليعلم أن الذي وجب الإيمان به وإتباعه هو هذا الشخص المستقل): هذا يجوز أن يكون فائدة ثالثة مستقلة للعدول، فيكون من باب التجريد، يعني أنه صلي الله عليه وسلم خاطبهم بقوله: (إنِّي رَسُولُ اللَّهِ إلَيْكُمْ جَمِيعًا)، فلما أراد أن يدعوهم إلى متابعته، جرد عن نفسه الزكية (النبي الأمي)، الموصوف بما يجب على كل أحدٍ متابعته، كأنه قال: لا أدعي أني ذلك الموصوف، فانظروا من هو، فاتبعوه كائناً من كان، ، أنا أو غيري.

والخطاب على سبيل الاستدراج.

ومعنى الاستقلال يفيده التجريد، كقولهم: "مررت بالرجل الكريم، والنسمة المباركة".

قوله: (كائناً من كان): حال من المشار إليه، وهو "الشخص المستقل"، والعامل معنى اسم الإشارة، ويجوز أن يكون حالاً من الضمير في "المستقل".

قال الخطيب بن زكريا: الحال قد يكون فيها معنى الشرط، كما أن الشرط فيه معنى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015