كل ذي طبع سليم وذوقٍ صحيح إلا لذلك، ولأنه من قبيل شعب البلاغة، وإلا فما لقراءة معاوية بن قرة: "ولما سكن عن موسى الغضب"، لا تجد النفس عندها شيئاً من تلك الهزة، وطرفاً من تلك الروعة؟ ! وقرئ: "ولما سُكِّتَ". و"أُسْكِتَ"، أي: أسكته الله، أو أخوه باعتذاره إليه وتنصله، والمعنى: ولما طفئ غضبه. (أَخَذَ الْأَلْواحَ) التي ألقاها، (وَفِي نُسْخَتِها): وفيما نسخ منها، أي: كتب، والنسخة: فعلة بمعنى: مفعول، كالخطبة (لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ) دخلت اللام لتقدم المفعول، لأن تأخر الفعل عن مفعوله يكسبه ضعفاً، ونحوه (لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ) [يوسف: 43] وتقول: لك ضربت.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وجعلها صاحب "المفتاح" استعارةً تبعية، لأنه استعار لتفاوت الغضب عن اشتداده إلى السكون، إمساك اللسان عن الكلام.
والظاهر الأول.
قوله: (لا تجد النفس): حال من المجرور في "فما لقراءة معاوية"، كقولك: ما لك لا تضرب؟ !
قوله: (الروعة)، الأساس: "رعته، وروعته، وارتعت منه، وأصابته روعة الفراق. ومن المجاز: فرس رائع: يروع الرائي بجماله. وكلام رائع: رائق".
قوله: (وتنصله) وهو من: تنصل فلان من ذنبه: تبرأ.
قوله: (والنسخة: فعلة)، نون "فعلة" لأنه تابع لموزونها.