فإن قلت: فهلا قال: "أرهم ينظروا إليك"؟ قلت: لأنّ الله سبحانه إنما كلم موسى عليه السلام وهم يسمعون، فلما سمعوا كلام رب العزة أرادوا أن يرى موسى ذاته فيبصروه معه، كما أسمعه كلامه فسمعوه معه، إرادةً مبنيةً على قياس فاسد، فلذلك قال موسى: (أرني أنظر إليك)، ولأنه إذا زُجِرَ عما طلب، وأُنكر عليه في نبوّته واختصاصه وزلفته عند الله تعالى، وقيل له: لن يكون ذلك، كان غيره أولى بالإنكار، ولأنّ الرسول إمام أمته، فكان ما يخاطب به أو ما يخاطب راجعاً إليهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأيضاً، قوله: "سماهم سفهاء وضلالاً" - يعني به قوله: (أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا) - ممنوع، لم لا يجوز أن يراد بهم السفهاء الذين عبدوا العجل، لا هؤلاء مع أن القرآن مساعد لإرادة ما أردناه؟ ". تم كلامه.
وقلت: وليس هذا من المطلق، حتى يحتاج إلى دليل القيد، فإن الدليل قائم على انتفاء القيد، لأن المقام غير واحد.
وأما قوله: "لوجب أن يقال: لن أرى، أو: لم تجز رؤيتي" فللمصنف أن يقول: إنه من باب أسلوب الحكيم. وإليه الإشارة بقوله: "لأنه إذا زجر وأنكر على نبوته واختصاصه، كان غير أولى".
وقوله: "لم لا يجوز أن يراد بهم السفهاء الذين عبدوا العجل؟ " فهو بناء على حضور القوم في المرة الثانية.
قوله: (وأنكر عليه في نبوته). "في نبوته": حال من المجرور في: "عليه"، أي: أنكر عليه والحالة أنه ثابت في نبوته مستقر عليها.