وسمٌ لعبدة الأصنام بأنهم هم المعرضون للتبار، وأنه لا يعدوهم البتة، وأنه لهم ضربة لازب، ليحذرهم عاقبة ما طلبوا ويبغض إليهم ما أحبوا.

(أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلهاً): أغير المستحقِّ للعبادة أطلب لكم معبوداً، وهو فَعَل بكم ما فعل دون غيره، من الاختصاص بالنعمة التي لم يعطها أحداً غيركم، لتختصوه بالعبادة ولا تشركوا به غيره

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وأما قوله: "وأنه لا يعدوهم البتة، وأنه لهم ضربة لازب" فمن الكناية، لأنهم إذا لم يتجاوزوا عن الدمار إلى النجاة، فيلزمهم الدمار ضربة لازب.

وموجب هذه المبالغات إيقاع الجملة تعليلاً لإثبات الجهل المؤكد للقوم، لاقتراحهم أن يجعل لهم إلهاً. وأبلغ من ذلك أن المذكور ليس جواباً له، بل مقدمة وتمهيد له. وإنما الجواب قوله: (أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إلَهًا وهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى العَالَمِينَ) وكيت وكيت، إلى أن قال ربكم: اذكروا إذ: (أَنجَيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ).

ومقتضى التقدير وجود العاطف ولا معطوف عليه، فيقدر ما يمكن تقديره، وقد جاء في "البقرة" معطوفاً على الإنعامات. وإنما أضمرنا "قال ربكم"، لأن قوله: (وإذْ أَنجَيْنَاكُم) لا يدخل تحت كلامه عليه الصلاة والسلام لأنه من كلام الله عز وجل.

قوله: (وسم لعبدة الأصنام) أي: علامة شنيعة لاصقة، كالكي على الدابة.

قوله: (من الاختصاص بالنعمة التي لم يعطها أحداً غيركم، لتختصوه بالعبادة): فيه نوعان من الاختصاص:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015