(إِنَّ هؤُلاءِ) يعني: عبدة تلك التماثيل، (مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ): مدمّرٌ مكسر ما هم فيه، من قولهم إناءٌ متبر، إذا كان فضاضاً. ويقال لكسار الذهب: التبر، أي: يتبر الله ويهدم دينهم الذي هم عليه على يديّ، ويحطم أصنامهم هذه ويتركها رضاضاً. (وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) أي: ما عملوا شيئاً من عبادتها فيما سلف إلا وهو باطلٌ مضمحل لا ينتفعون به وإن كان في زعمهم تقرباً إلى الله، كما قال تعالى: (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً) [الفرقان: 23].
وفي إيقاع (هؤُلاءِ) اسماً لـ (إن)، وتقديم خبر المبتدأ من الجملة الواقعة خبراً لها،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومجاوزتهم البحر: إشعار بالتعجب العظيم من جهلهم. أي: ما أجهلهم! كأنهم ما شاهدوا تلك الآيات، وما عرفوها، فإن العاقل العالم بحقائق الأمور، بعد ما رأي تلك الآيات العظام، لا يصدر منه مثل تلك الكلمة الحمقاء، فصدورها منهم موضع تعجب وتعجيب.
قوله: (وفي إيقاع (هؤلاء) اسماً لـ (إن) وتقديم خبر المبتدأ) إلى قوله: (وسم)، اعلم أن في تخصيص اسم الإشارة بالذكر، الدال على أن أولئك القوم محقوقون بالدمار، لأجل اتصافهم بالعكوف على عبادة الأصنام، ثم في توكيد مضمون الجملة بـ (إن) مزيد الدلالة على ذلك.
وإليه الإشارة بقوله: "وسم لعبدة الأصنام بأنهم هم المعرضون للتبار"، وليس "هم" ي تركيب المصنف للفصل، إذ لا موجب لأن يقال: إنهم متبرون دون غيرهم، بل هو مبتدأ، فيفيد تقوي الحكم. وفائدة تقديم الخبر الإيذان بأنهم لا يتجاوزون عن الدمار إلى ما يضاده من الفوز والنجاة، على القصر القلبي.