وعن سعيد بن جبير: أنه كان إلى جنبهم كثيبٌ أعفر، فضربه به موسى بعصاه، فصار قُملاً، فأخذت في أبشارهم وأشعارهم وأشفار عيونهم وحواجبهم، ولزم جلودهم كأنه الجدري، فصاحوا وصرخوا وفزعوا إلى موسى، فرفع عنهم، فقالوا: قد تحققنا الآن أنك ساحر، وعزة فرعون لا نصدقك أبداً! فأرسل الله عليهم بعد شهرٍ الضفادع، فدخلت بيوتهم وامتلأت منها آنيتهم وأطعمتهم، ولا يكشف أحدٌ شيئاً من ثوبٍ ولا طعامٍ ولا شرابس إلا وجد فيه الضفادع، وكان الرجل إذا أراد أن يتكلم وثبت الضفدع إلى فيه، وكانت تمتلئ منها مضاجعهم فلا يقدرون على الرقاد، وكانت تقذف بأنفسها في القدور وهي تغلي، وفي التنانير وهي تفور.
فشكوا إلى موسى وقالوا: ارحمنا هذه المرة، فما بقي إلا أن نتوب التوبة النصوح ولا نعود، فأخذ عليهم العهود ودعا فكشف الله عنهم، ثم نقضوا العهد، فأرسل الله عليهم الدم، فصارت مياههم دماً، فشكوا إلى فرعون فقال:
إنه سحركم فكان يجمع بين القبطي والاسرائيلى على إناء واحد، فيكون ما يلي الإسرائيلى ماءً، وما يلي القبطي دماً، ويستقيان من ماءٍ واحد فيخرج للقبطي الدم وللإسرائيلى الماء، حتى إن المرأة القبطية تقول لجارتها الإسرائيلية: اجعلي الماء في فيك، ثم مجيه في فىَّ، فيصير الماء في فيها دماً، وعطش فرعون حتى أشفى على الهلاك، فكان يمص الأشجار الرطبة، فإذا مضغها صار ماؤها الطيب ملحاً أجاجاً.
وعن سعيد بن المسيب: سال عليهم النيل دماً. وقيل: سلط الله عليهم الرعاف وروي: أنّ موسى عليه السلام مكث فيهم بعدما غلب السحرة عشرين سنةً يريهم هذه الآيات، وروي أنه لما أراهم اليد والعصا ونقص النفوس والثمرات قال: يا رب، .......
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (كثيب أعفر)، الجوهري: "الأعفر: الرمل الأحمر".