(أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً): هب لنا صبراً واسعاً وأكثره علينا، حتى يفيض علينا ويغمرنا، كما يفرغ الماء فراغاً، وعن بعض السلف: إن أحدكم ليفرغ على أخيه ذنوباً، ثم يقول: قد مازحتك، أي: يغمره بالحياء والخجل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ..
والثاني: قوله: "ننقلب إلى الله يوم الجزاء، فيثيبنا على شدائد القطع والصلب"، ومما يناسبه ثمة قوله: "لا ضرر علينا في ذلك، بل لنا فيه أعظم النفع، لما يحصل لنا في الصبر عليه لوجه الله من تكفير الخطايا، والثواب العظيم، مع الأعواض"، لأن المشار إليه بقوله: "ذلك": "القطع والصلب".
والثالث: قوله: "إنا جميعاً - يعنون أنفسهم وفرعون - ننقلب إلى الله فيحكم بيننا" لم يذكره هناك. والمعنى: ننقلب إلى الله جميعاً، فيحكم بيننا، وينتقم لنا منك، بما فعلت بنا، ويثيبنا على ما قاسيناه من البلاء والمحن.
والرابع: قوله: "إنا لا محالة ميتون منقلبون إلى الله"، ومما يدانيه هناك قوله: "لا ضير علينا فيما تتوعدنا به من القتل، لأنه لابد لنا من الانقلاب إلى ربنا، بسبب من أسباب الموت، والقتل أهون أسبابه".
وقد ذكرنا هناك وجه تخريج كل من الوجوه على التفصيل.
قوله: (هب لنا صبراً واسعاً، وأكثره علينا)، هذا أصل المعنى، فاستعير له قوله تعالى: (أفرغ علينا صبراً).
فالاستعارة في (أفرغ)، والقرينة (صبراً)، لأن الصبر لا يستعمل فيه الإفراغ، وهي استعارة تبعية.