ويجوز أن يرجع الضمير إلى الأمم المذكورين، وأنهم كانوا إذا عاهدوا الله في ضرُّ ومخافةٍ: لئن أنجيتنا لنؤمننّ، ثم نجاهم، نكثوا، كما قال قوم فرعون لموسى عليه السلام: (لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ) إلى قوله: (إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ) [الأعراف: 134 - 135].
والوجود بمعنى العلم، من قولك: وجدت زيداً ذا الحفاظ، بدليل دخول «إن» المخففة واللام الفارقة، ولا يسوغ ذلك إلا في المبتدأ والخبر، والأفعال الداخلة عليهما.
[(ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَظَلَمُوا بِها فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ* وَقالَ مُوسى يا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ* حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ)].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ويجوز أن يرجع الضمير إلى الأمم المذكورين): فعلى هذا الجملة تكون تتميماً لا اعتراضاً.
وعلى الوجهين: قوله: (ومَا وجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ وإن وجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ) من باب الطرد والعكس، إن فسر "الفاسقين" بالناكثين.
قوله: (ثم نجاهم) معطوف على قوله: "عاهدوا الله"، وقوله: "نكثوا" معطوف على قوله: "إذا"، وقوله: "لئن أنجيتنا لنؤمنن": الجملة اعترضت للبيان والتأكيد.
قوله: (ذا الحفاظ)، الجوهري: "المحافظة: المراقبة: ويقال: إنه لذو حفاظ، وذو محافظة: إذا كانت له أنفة".