بمعنى: أو لم يهد للذين يخلفون، من خلا قبلهم في ديارهم ويرثون أرضهم هذا الشأن؟ وهو أنا (لو نشاء أصبناهم بذنوبهم)، كما أصبنا من قبلهم، وأهلكنا الوارثين كما أهلكنا المورّثين.
وإذا قرئ بالنون، فهو منصوب كأنه قيل: أو لم يهد الله للوارثين هذا الشأن، بمعنى: أولم نبين لهم أنا (لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ) كما أصبنا من قبلهم. وإنما عُدِّي فعل الهداية باللام لأنه بمعنى التبيين.
فإن قلت: بم تعلق قوله تعالى: (وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ)؟ قلت: فيه أوجهٌ: أن يكون معطوفاً على ما دلّ عليه معنى (أَوَلَمْ يَهْدِ)، كأنه قيل: يغفلون عن الهداية، ونطبع على قلوبهم، أو على (يَرِثُونَ اَلأَرْضَ)، أو يكون منقطعاً بمعنى: ونحن نطبع على قلوبهم.
فإن قلت: هل يجوز أن يكون (وَنَطْبَعُ) بمعنى وطبعنا، كما كان (لَوْ نَشاءُ) بمعنى: لو شئنا، ويعطف على (أصبناهم)؟ قلت: لا يساعد عليه المعنى، لأن القوم كانوا مطبوعاً على قلوبهم موصوفين بصفة من قبلهم من اقتراف الذنوب والإصابة بها،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال أبو البقاء: " (أو لم يهد) بالياء، وفاعله: (أن لو تشاء)، و (أن) مخففة من "أن" الثقيلة. أي: أو لم يتبين لهم علمهم بمشيئتنا؟ ".
قوله: (وإنما عدي فعل الهداية باللام لأنه ضمن معنى التبيين)، وذلك أنه يتعدى إلى المفعول الثاني باللام، أو بـ"إلى"، كما سبق، وهاهنا تعدى إلى الأول باللام.
قوله: (هل يجوز أن يكون (ونطبع) بمعنى: وطبعنا؟ ): يشير بهذا السؤال إلى ما ذكره الزجاج: " (ونطبع على قلوبهم) ليس بمحمولٍ على: (أصبناهم)، لأنه لو حمل عليه