فكيف آسى عليكم؟ يعني: أنه لا يأسى عليهم لأنهم ليسوا أحقاء بالأسى.
وقرأ يحيى بن وثاب: "فكيف إيسى"، بكسر الهمزة.
[(وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنا أَهْلَها بِالْبَاساءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ* ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقالُوا قَدْ مَسَّ آباءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ)].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومنه الحديث: "لقد أعذر الله تعالى إلى من بلغ به من العمر ستين سنةً"، أي: لم يبق فيه موضعاً للاعتذار، حيث أمهله طول هذه المدة.
يقال: أعذر الرجل: إذا بلغ أقصى الغاية في العذر.
فعلى هذا لا يكون الخطاب مع نفسه، بل مع القوم، تأنيباً وتوبيخاً لهم، من أوله إلى منتهاه، وعلى الأول قوله: (يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي) فيه معنى التلهف والتحسر، مع إنهاء الندامة إلى القوم، وقوله: (فكيف أسي) فيه معنى الإنكار والتأنيث للنفس. وعلى التقديرين قوله: (على قوم كافرين) إقامة للظاهر موضع المضمر، للإشعار بعدم استحقاقهم التأسف عليهم لكفرهم.
قوله: ("فكيف إيسي"، بكسر الهمزة) يعني: على لغة من يقول: "تعلم".