اشتدّ حزنه على قومه، ثم أنكر على نفسه، فقال: فكيف يشتدّ حزني على قومٍ ليسوا بأهلٍ للحزن عليهم لكفرهم واستحقاقهم ما نزل بهم! ويجوز أن يريد: لقد أعذرت إليكم في الإبلاغ والنصيحة والتحذير مما حلّ بكم فلم تسمعوا قولي ولم تصدقوني، ......
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وكيف غربي دالجٍ تبجسا
انحلبت عيناه، أي: سال دمع عينيه. والوكيف: القطر. وغربي: تثنية الغرب، وهو الدلو العظيم. والدالج - بالجيم-: الذي يأخذ الدلو من البئر، فيفرغها في الحوض. تبجس: انفجر بسعة وكثرة.
يقول: سال دمع عينيه من الخزن، ووكفتا وكيف دلوي دالجٍ تفجر وسال.
قوله: (ثم أنكر على نفسه): أي: جرد من نفسه شخصاً، وأنكر عليه حزنه على قوم لا يستحقونه، كما فعل امرؤ القيس في قوله:
تطاول ليلك بالأثمد ... ونام الخلي ولم ترقد
وكان من حق الظاهر أن يقول: وكيف يشتد حزنك؟ لقوله: "ثم أنكر على نفسه"، لكن التفت، وقال: "وكيف يشتد حزني! ". هذا إذا كان الخطاب مع نفسه. أما إذا كان مع غيره فلا يكون من التجريد.
قوله: (ويجوز أن يريد: لقد أعذرت إليكم في الإبلاغ): أي: أنهيت إليكم العذر، وما قصرت فيه.