(الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً) مبتدأ، خبره: (كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا)، وكذلك (كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ). وفي هذا الابتداء معنى الاختصاص، كأنه قيل: الذين كذبوا شعيباً هم المخصوصون بأن أُهلكوا واستؤصلوا، كأن لم يقيموا في دارهم؛ لأنّ الذين اتبعوا شعيباً قد أنجاهم الله، الذين كذبوا شعيباً هم المخصوصون بالخسران العظيم، دون أتباعه فإنهم الرابحون. وفي هذا الاستئناف والابتداء وهذا التكرير: مبالغةٌ في ردّ مقالة الملأ لأشياعهم، وتسفيهٌ لرأيهم، واستهزاءٌ بنصحهم لقومهم واستعظام لما جرى عليهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وفي هذا الابتداء معنى الاختصاص): كما في قوله تعالى: (اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ ويَقْدِرُ) [الرعد: 26] في سورة "الرعد"، "أي: الله وحده هو يبسط الرزق، ويقدره دون غيره".
ولو حمل الجملة الأولى على تقوى الحكم، كما عليه كلام صاحب "المفتاح"، والثانية على التخصيص، لتوسيط ضمير الفصل، وتعريف الخبر باللام، ويكون التكرير، ليناط به كل مرة معنى زائد: لكان أوجه، كما سنقرره.
قوله: (وفي هذا الاستئناف والابتداء، وهذا التكرير، مبالغة في رد مقالة الملأ لأشياعهم، وتسفيه لرأيهم، واستهزاء بنصحهم لقومهم، واستعظام لما جرى عليهم): أما الاستئناف