[(وَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ* فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ* الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ)].

(وَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ) أي: أشرافهم للذين دونهم يثبطونهم عن الإيمان: (لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ) لاستبدالكم الضلالة بالهدى، كقوله تعالى: (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ) [البقرة: 16]، وقيل: تخسرون باتباعه فوائد البخس والتطفيف، لأنه ينهاكم عنهما ويحملكم على الإيفاء والتسوية.

فإن قلت: ما جواب القسم الذي وطأته اللام في (لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً)، وجواب الشرط؟ قلت: قوله: (إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ) سادّ مسدّ الجوابين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أحدهما: أن يكون من باب التعجب، يعني روم إيقاع النفس في ورطة المهالك، من أولي النهية، بعد المزاولة الطويلة في الإخراج منها، مما يقتضي منه العجب. وإليه الإشارة بقوله: "ما أكذبنا على الله إن عدنا في الكفر بعد الإسلام! ". فكأنه عليه السلام لما سمع كلامهم ما التفت إلى الجواب، وأنشأ التعجب من نفسه، قائلاً: (قد افترينا على الله كذباً إن عدنا في ملتكم). ولهذا قال: "كلاماً مستأنفاً فيه معنى التعجب".

قال أبو البقاء: " (قد افترينا)، هو معنى المستقبل، لأنه لم يقع، وإنما سد مسد جواب (إن عدنا). وساغ دخول (قد) لأنهم نزلوا الافتراء عند العود منزلة الواقع، فقرنوه بـ (قد). وكأن المعنى: قد افترينا الآن، إن هممنا بالعود"، على أن يكون قسماً، لا يكون مستأنفاً، بل يكون رداً لكلامهم بأبلغ وجه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015