فهو يعلم أحوال عباده كيف تتحوّل؟ وقلوبهم كيف تتقلب؟ وكيف تقسو بعد الرقة، وتمرض بعد الصحة، وترجع إلى الكفر بعد الإيمان؟
(عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا) في أن يثبتنا على الإيمان، ويوفقنا لازدياد الإيقان.
ويجوز أن يكون قوله: (إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ) حسمًا لطمعهم في العود، لأن مشيئة الله لعودهم في الكفر محال خارج عن الحكمة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الصدور أن نعود إلى الكفر، إلا أن يشاء الله العود، فإن معرفة المشيئة غيب، ولا يعلم الغيب إلا الله. ويؤيده قوله: عليه توكلنا، أي: في أن تثبتنا على الإيمان. نحوه قوله تعالى: (ومَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي ولا بِكُمْ إنْ أَتَّبِعُ إلاَّ مَا يُوحَى إلَيَّ) [الأحقاف: 9].
قوله: ((إلا أن يشاء الله) حسماً لطمعهم في العود، لأن مشيئة الله لعودهم في الكفر محال): هذا على أن يكون معنى (أن يشاء الله) التأبيد، كما نص عليه في "الكهف".
قال الزجاج: "قال قوم: (إلا أن يشاء الله ربنا)، والله لا يشاء الكفر، مثل قولك: لا أكلمك حتى يبيض الفأر، ويشيب الغراب. والغراب لا يشيب، والفأر لا يبيض. وهذا خطأ لمخالفته كثيراً من النصوص الواردة في الكتاب والسنة، في أن الكائنات تابعة لمشيئة الله، ولكن الله تعالى غيب عن الخلق علمه فيهم، ومشيئته من أعمالهم، فأمرهم ونهاهم، لأن الحجة إنما تثبت من جهة الأمر والنهي. وكل ذلك جارٍ على ما سبق من العلم، وجرت به المشيئة، فعليهم السمع والطاعة للأمر إذا أمروا، وهم جارون على ما علم منهم أنهم يختارون الطاعة أو المعصية".