فإن قلت: كيف قيل: (الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ)، وهلا قيل: المكيال والميزان، كما في سورة هودٍ عليه السلام؟ قلت: أريد بالكيل: آلة الكيل، وهو المكيال، أو سمي ما يكال به بالكيل، كما قيل: العيش، لما يعاش به، أو أُريد: فأوفوا الكيل ووزن الميزان، ويجوز أن يكون الميزان كالميعاد والميلاد بمعنى المصدر.

ويقال: بخسته حقه: إذا نقصته إياه. ومنه قيل للمكس: البخس، وفي أمثالهم: تحسبها حمقاء وهي باخسٌ. وقيل: (أَشْياءَهُمْ) لأنهم كانوا يبخسون الناس كل شيء في مبايعاتهم، أو كانوا مكاسين لا يدعون شيئاً إلا مكسوه، كما يفعل أمراء الحرمين. وروي: أنهم كانوا إذا دخل الغريب بلدهم أخذوا دراهمه الجياد، وقالوا: هي زيوف! فقطعوها قطاعاً، ثم أخذوها بنقصانٍ ظاهر أو أعطوه بدلها زيوفاً.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ومنه قيل للمكس: البخس)، المغرب: "المكس في البيع: استنقاص الثمن. والمكس أيضاً: الجباية، وهو فعل المكاس العشار. ومنه: "لا يدخل صاحب مكسٍ الجنة".

فقوله: "أو كانوا مكاسين" مبني على الوجه الثاني، وقوله: "لأنهم كانوا يبخسون الناس كل شيء في مبايعاتهم" على الأول.

قوله: (تحسبها حمقاء وهي باخس) وفي رواية: "باخسة". فعلى الأول تأويله: إنسان باخس، أو على النسب، كـ: "لابن" و"تامر".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015